49- إزدواجيّة صورة المترجم عبر التّاريخ

تلخيص

لعبت الترجمة دورًا أساسيًّا عبر التاريخ ولا تزال، وذلك لأنّ كلّ ما وصلنا عن حقبة ما أو عن شعب ما ودُوِّن في لغته نُقِل إلينَا بفضل التّرجمة. إلاّ أنّ التّراجمة لم يجدوا دائمًا المكافأة التّي يستحقّونها على ما بذلوه من جهد، بل وكثيرا ما اتُّهمُوا بالخيانة والفساد دون أن يتثبّت القادحون فيهم من صحّة هذه التُّهم، وإن تأكّدت لم يسع في كلِّ الحالات هؤلاء المنتقدون إلى معرفة أسبابها، ممّا شوّه صورة الترجمان حتّى وإن كان في الواقع ضحيّة الظروف التّي يعمل فيها والتّي أدّت إلى ضعف مستواه اللغوي والترجمي وبالخصوص زمن الغزو والاستعمار، فكانت خيانته هنا غير مقصودة. هذا إضافة إلى المُعاناةِ التّي كثيرًا ما تعرّض إليها التُّرجُمانُ زمن الغزو و الاستعمار ـــــ بالرّغم من الخدمات التّي قدّمها للغازي المُستعمِرِ كُرهًا أم طواعيةً لتيسير الغزو ــــ من اختطافٍ و هو طفل من قبل هذا الغازي للعملِ قسرًا، و من إهانة، و إكراه على الدّين، و طمس هُويّةٍ، و تفقيرٍ، و تغييب اسمه، و نهب عمله.  ولم ينجُ المترجمُ من المعاناة حتّى في زمن السّلمِ إذ تعرّض كذلك إلى التمييز بسبب جنسه الأُنثوي. وأمام هذا الوضع المُزري ارتأى عددٌ من التراجمة حلولًا مختلفة منها الفرارُ من الغازي ومنها أيضًا الإذعان له والتحيّل عليه ومنها كذلك السّعي لتحسين مستواه اللّغوي والتّرجمي ومنها استعمال التّرجمة بالذّات لمقاومة الغالبِ القاهرِ

Catégories : ,

Informations complémentaires

Date

Tome 78-2015